طيِّب، أمَّا الخَبيثُ فإنَّه لا يَقبلُه سَواءً
كان خبيثًا بمعنى الرَّدِيء؛ كما قال تعالى: ﴿وَلاَ
تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: 267]، أو كَان خبيثًا في
ذاتِه؛ كالمَيْتَة والخَمْر والخِنْزِير، أو خَبيثًا في مَكسَبِه كالرِّبا
والرِّشْوةِ والقُمَارِ وغيرِ ذلك، فالخَبيث: إمَّا أنْ يكونَ خَبيثًا في ذاتِه،
وإمَّا أنْ يكونَ خبيثًا في مكسَبِه وطريقِ الحُصُولِ عليه، فمَهْما تَصدَّق الإنسانُ
من كَسبٍ خَبِيث، فإنَّ اللهَ لا يَقبَلُه، وكذلك لا يَقبَلُ العملَ إلاَّ إذا كان
طيِّبًا، بمعنى أنْ يكونَ خالِصًا لوجهِ اللهِ عز وجل، ليسَ فيه شِركٌ ولا رِياء،
ويكونَ صَوابًا على سُنَّةِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ليسَ فيه بِدْعة، ولا
خُرَافة، وإنَّما هو على وِفْقِ السُّنَّة، فهذا هو العَملُ الطَّيِّبُ الذي
يَتقبَّلُه الله سبحانه وتعالى.
كذلِكَ القَولُ
الطَّيِّبُ مِن ذِكْرِ الله، كالتَّسْبيحِ والتَّهليلِ والتَّكْبير، وكَذلك
الطَّيِّبُ من الأمرِ بالمَعْروفِ والنَّهيِ عن المُنكَر، والدَّعوةِ إلى الله،
والنَّصِيحة، كلُّ هذا من الكَلِمِ الطَّيِّب الذي يتَقبَّلُه اللهُ ويَرفعُه
سبحانه وتعالى قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ
يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10].
أمَّا القولُ
الخَبيثُ فإنَّ اللهَ يَردُّه ويُبغِضُه، من الكَذِبِ والغَيْبةِ والنَّمِيمةِ
والشَّتْمِ وقَوْلِ الزُّور، وشَهادةِ الزُّور، وجميعِ الأقوالِ الخَبِيثة،
والشِّرْك، والكُفر، كلُّها أقوالٌ خَبِيثة، لا تَرتَفعُ إلى اللهِ عز وجل ولا
تُقبَل.
قولُه: «لاَ يَقْبَلُ
إلاَّ طَيِّبًا» الطَّيِّب من كلِّ شيء، يَخرُجُ بذلك ما كان خَبيثًا، فإنَّ
اللهَ جل وعلا يَردُّه ولا يَقبَلُه.
ثمَّ قال: «وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ» فدَلَّ على أنَّ المرسلين والمؤمنين مَأْمُورون وَمنهيُّون، لا أنَّهم يَفعلون أو يقولون شَيئًا