الفائدةُ الثَّانية: في الحديث دليل
على إباحة الطّيّبات، وهي المباحات والمستلذّات التي أباحها الله سبحانه وتعالى
لعباده، فلا يأت أحد ويقول: من العبادة ترك المباحات، وحرمان النّفس. نقوله له:
هذا ليس عبادةً لله عز وجل؛ فإنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل من
الطّيّبات والمستلذّات والفواكه واللّحوم، وكان يتزوّج النّساء، وكان ينام، وكان
يأخذ ما أباحه الله له، ويترك ما نهاه الله عنه، وهو القدوة عليه الصلاة والسلام.
ففيه الرّدّ على من
يزعم أنّ الزّهد هو ترك الطّيّبات، بل الزّهد هو ترك الحرام، وترك فضول الأشياء
التي لا يحتاج الإنسانُ إليها، أمّا الذي يحتاجه الإنسان فهذا تركه ليس من الزّهد،
وليس الزّهد حرمان النّفس ممّا أباح الله لها.
الفائِدةُ
الثَّالثة: فيه دليلٌ على أنَّ الدُّعاءَ لا يُقبَل إلاَّ إذا توفَّرَت في الدَّاعي
أسبابُ الإجابة، وانتفَتْ موانِعُ الإجابة.
الفائدةُ الرَّابعة: وفيه دليلٌ على أنَّ الحرَامَ يُفسِدُ البَدن؛ لأنَّه يغذِّي تغذيةً خبيثةً، فهو يُفسِدُ البَدَن من النَّاحيةِ المعنويَّة، ومن النَّاحيةِ الحِسِّيَّة أيضًا، فإنَّ هذه المُحرَّماتِ فيها أضرارٌ وأمراضٌ جِسميَّة، واللهُ سُبْحانه ما حرَّمها إلاَّ لأنَّ فيها ضَررًا، انظُر مثلاً إلى المَيتة، فقد حرَّمَها تعَالى لمَا فيها من أضْرارٍ وأمْرَاض، وكذلِك الخمرُ والمُخدِّرات والدُّخان والقاتُ، كلُّها أضرارٌ جِسميَّةً، وأضرارٌ دينيَّة، وليسَ للعِبادِ فيها مَصْلحةٌ ألبتَّة، اللَّهُم إلاَّ إذا اضْطُرَّ الإنسانُ ضَرورةً خَشِي الموتَ فلَه أنَّه يأكُل من