الثّاني: يقول: «يَا رَبِّ
يَا رَبِّ» يتوسَّل إلى اللهِ بربوبيّته، وهذا من التَّوسُّل المشروع،
فالتَّوسُّل إلى اللهِ بأسمائِه وصفاتِه وربوبيَّتِه من أسبابِ الإجابة.
الثَّالث: أنَّه «أَشْعَثَ
أَغْبَرَ» في حالةٍ رثَّة، ليسَ عندَه كِبْر، أمَّا الإنسانُ المُسْتكبِرُ
فإنَّ كِبرَه يَمنعُ قبولَ دُعائِه، فهذا عندَه سببُ الإجابةِ وهو أنَّه مُتواضِع،
وأيضًا يُطيلُ السَّفر، والدُّعاء من المسافر مظنَّة الإجابة؛ لأنَّه بحَاجة،
فعندَه أسبابُ القَبُول، لكنَّ المانعَ الذي مَنعَه أبطَلَ عملَ هذه الأسبابِ، فلا
يكُونُ لها نتيجة.
قال: «وَمَطْعَمُهُ
حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ،
فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» يعني: يَبعد أنْ يُستجَابَ له؛ لأنَّ عندَه هذه
المَوانع، فالدُّعاءُ لا يُقبَلُ إلاَّ إذا توفَّرَتْ أسبابُ قَبُولِه، وانتفَتْ
موانعُ القَبُول، فهذا دليلٌ على التَّحذيرِ من الحَرَام، و هو من مفهومِ قولِه
تعالى: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ فالحَرامُ لا يُؤكَل، والخبيثُ لا يُؤكَل، واللهُ جل
وعلا أحَلَّ لنا الطَّيِّباتِ وحرَّم علينا الخَبائث.
والإنسانُ الذي
يدعُو اللهَ يفعَل أسبابَ الإجابةِ ويتجنَّبُ أسبابَ منعِ القَبول، فليسَ المقصودُ
أنَّك تدعُو فقط، بل لا بدَّ من الدُّعاء أنْ تعمَل أسبابَ الإجابة، وتتجنَّبَ
أسبابَ الحِرْمان، هذا هو المَقصود.
فدلَّ هذا الحديثُ على
فوائدَ عظيمة:
الفائدة الأولى: أنَّ العِبادَ كلَّهم مأمورون - الأنبياء، والملائكةَ والرُّسلَ، والمؤمنين، وكلَّ الخلق - مأمورون ومنهيُّون، فلا أحدَ يُحدِث شيئًا في دينِ اللهِ من عندِ نفسِه أبدًا، ولا يَقبلُ الله ذلك.