الذي هو غيرُ خَبيث، ويَشمَلُ الطَّيِّبَ الَّذي
هو المُستلَذُّ من اللُّحومِ والفَوَاكه، وأنواعِ المُتعةِ الطَّيِّبةِ من
النِّساءِ والملذَّاتِ المُبَاحة، فالإنسانُ يتناولُ منها، ولا يَحرِمُ نفسَه لكن
من غَيرِ إسْراف، فالذي يَتقرَّبُ إلى اللهِ بتَرْكِ المُبَاحاتِ والطَّيِّبات هذا
مُتنطِّع، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يأكلُ ممَّا يَسَّر اللهُ له، يأكلُ
اللَّحم، والفاكهةَ، وكان صلى الله عليه وسلم يتزوَّجُ النِّساءَ، ويَتطيَّبُ
بالطِّيب، ويَستعمِلُ الطَّيِّبات عليه الصلاة والسلام.
قال: ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ كما قال للرُّسُل، حيثُ أمرَهم بأمرين: الأكلِ من
الطَّيِّباتِ، والعملِ الصَّالح؛ لأنَّ أكلَ الطَّيِّباتِ يُعينُ على طاعةِ اللهِ
تَعَالى بالعملِ الصَّالِح، حيثُ يتغذَّى البدنُ تغذيةً طيبةً ويَنشَط. وليسَ
المرادُ بذلك أنْ يُعطِيَ الإنسانُ نفسَه كلَّ ما تَشْتهي ويَتكَاسَل عن الطَّاعة،
هذه طريقة البَهَائم، إنَّما الإنسانُ يأكلُ ويَشكر الله عز وجل، فتقوله: ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ هذا مِن شُكرِ نعمةِ الله عز وجل.
ثمَّ إنَّ النَّبيَّ
صلى الله عليه وسلم ضرَبَ مَثلاً للَّذِي يأكلُ الحَرَام، ويدعو الله عز وجل في
حالةٍ رَثَّة، وفي حالةٍ تَقتَضي إجابةَ دعوتِه، فعندَه أسباب لقبولِ الدُّعاء،
وعندَه مانعٌ من قَبولِ الدُّعاء، أمَّا الأسبابُ فهي:
الأوَّل: «يَمُدُّ يَدَيْهِ» ومَدُّ اليدين في الدُّعاءِ من أسبابِ الاستجابة، «يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ» لماذا يمدُّ يَديه إلى السَّماء؟ إشارةً إلى عُلُوِّ اللهِ سبحانه وتعالى؛ لأنَّ اللهَ جل وعلا في السَّماء، وفي هذا مَشْروعيَّةُ رفعِ اليَدين في الدُّعاء، والأصلُ في الدُّعاء رفعُ اليدين إلاَّ ما دلَّ الدَّليلُ على أنَّه لا تَرفعُ فيه الأيدي، فلا ترفع.