كما قال صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ
أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ،
فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّّ
الإِْسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»([1]) فمَن أظهرَ
الإسلامَ قبِلْناه، واحترمْنا دمَه وعِرضَه ومالَه، وصار أخًا لنا، فلا يَجوزُ
التَّعدِّي عليه، إلاَّ إذا ارتكَبَ أحدَ ثلاثةِ أمور، فإنَّه يحِلُّ دمُه ولو كان
مُسلمًا حِفظًا للضَرُورات، وهذه الأمور هي:
الأوَّل: «النَّفْسُ
بِالنَّفْسِ» والقَصَاص، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾ [البقرة: 178]، ﴿كُتِبَ﴾ يعني فَرْض، فالقَصَاص فَرض إذا طَالبَ به المجني عليه
أو وليُّه، ويجِبُ على وَليِّ الأمرِ أنْ ينفِّذَ القَصَاص حِفظًا للدِّماء، قال
تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ
حَيَاةٌ يَاأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].
فإذا تُرِك القَصَاصُ سُفِكَت الدِّماء، وانتشَرَ الخوفُ والرُّعْبُ في المجتمع، أمَّا إذا قُتِلت نفسٌ واحدةٌ ظالمةٌ ارتدَعَ الجميعُ، وأمِنَ المُجتمع، وحُقِنتِ الدِّماء، وهذا لا يكونُ إلاَّ في الإسلام، أمَّا أنظمةُ الكفرِ والأنظمةُ البشريَّةُ فإنَّها تمنعُ القتلَ وتحمِي الظالمَ والمعتدي وتُساعِدُه، ولا تَرحَم المجنيَّ عليه، ولا تَرحَمُ المُجتمع، وإنَّما تَرحَمُ الظَّالمَ المُعتدِي وتَحميه، وغاية ما يعملون معَه أنَّهم يَحكُمون عليه بالسِّجن خُمْسمائة سَنةٍ أو أرْبعمائة سَنةٍ أو مَدى الحَياة، ثمَّ يَعفُون عَنه ويُخرجُونه، فهُم يُشيعُون فقط أنَّهم حَكَموا عليه بهذا الحُكْم، وأمَّا
([1]) سبق تخريجه.