×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 التَّنفيذُ فليسَ هناك تَنْفيذ، ولو نُفِّذ فإنَّه لا يكفي، بل لا بدَّ من الحَسْم، والقَصَاص منه بقَتْلِه، وهذا رحمةٌ من اللهِ عز وجل.

الثَّاني: «الثَّيِّبُ الزَّانِي» الثَّيِّب: الَّذي وطئَ امرأتَه المسلمةَ أو الذِّمِّيَّة في نكاحٍ صحيح، فإنَّه صار مُحصَنًا بهذا الزَّواج، فإذَا زنَى بعدَ ذلك الزَّواجِ صار من المُفسِدين في الأرضِ، لأنَّه أدركَ حُرْمةَ الأعْراضِ، وجرَّبَ الزَّواج، فليسَ له عُذْرٌ في تَعدِّيه، وعندَه ما يُغنِيه بالنِّكاحِ الصَّحيحِ الشَّرعي المُفيد، فإذا زَنَى فهذا دليلٌ على خُبْثِه، وأنَّه يُريدُ الشَّرَّ والفسادَ، فهذا يُستبَاحُ دَمُه، ويُقتَلُ بِكَيفيَّةٍ خاصَّةٍ وهي الرَّجْم، بأنْ يُرجَمَ بِالحجارةِ حتَّى يَمُوت.

وهذا مُتواترٌ في القُرآنِ والسُّنَّةِ وعَملِ المسلمين، وهو حدٌّ من حُدودِ اللهِ عز وجل، ولا يَكفِي أنَّه يُقتَلُ بالسَّيف، بل لا بُدَّ أنْ يُرجَم، وفي مَجمَعِ النَّاسِ عَلانيةً، من أجْلِ أنْ يَرتدِعَ الباقون، وهذا من محاسِنِ الإسلام، وحِمَايتِه للأَعْراض، وحِفظًا للفُرُوج، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المؤمنون: 5]، ففِيه حمايةٌ للنَّسل، ووِقايةُ المُجتمَعِ من الأمراضِ الفتَّاكةِ بسببِ الاستمتاعِ غيرِ الحَلاَل.

وقدِ اشْتهَر أمرُ هذه الأمراضِ في العصرِ الحديث، وظهرَتْ إحصائيَّاتٌ عن مرضِ الإيدز الذي أصَاب المجتمعاتِ التي تَشيعُ فيها فاحشةُ الزِّنا واللِّواط، ويموتُ الملايين الآنَ من البَشَر بسببِ هذه الجَريمةِ الفَظِيعة؛ ولهذا يقول جل وعلا: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء: 32]، قال: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى ولم يقُلْ: لا تَزنُوا


الشرح