فيها فنادقُ تأوِي الغَريبَ والمُسافِرَ وعابرَ
السَّبيل، فالقَريةُ ليس فيها شَيء، وكذلِك البَاديةُ ليسَ فيها شيءٌ من هذا
القَبِيل، فالإنسانُ - ولو كان غَنيًّا - إذا كان مَارًّا في بلدٍ وليسَ فيه ما
يُباعُ أو يُؤجَّر من حقِّه على مَن نَزَل عندَه أنَّه يُكرِمُه، أمَّا في المُدنِ
فليسَ هناك حَاجة؛ لوُجودِ المَطَاعِمِ والفَنادق، فإذا كان غَنيًّا فهو ليسَ
مُحتاجًا، أمَّا إذا كان فَقيرًا فأنتَ تَتصدَّقُ عليه لفَقرِه وحاجتِه، وليسَ
لأنَّه ضَيف.
وجاء في الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في الضَّيف: «جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَتَمَامُ الضِّيَافَةِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا» «[1]) قال أهلُ العِلم: الواجِبُ يَومٌ ولَيلة، وتَمامُ ثلاثةِ أيَّامٍ بِلَياليهَا مُستَحبٌّ. وقد كان إكرامُ الجَار، وإكرامُ الضَّيفِ من الخِصَالِ المعروفةِ عندَ العَرَبِ قبلَ الإسلام، وكانوا يَتفَاخرون بذلك، وأشعارُهُم في هذا كثيرة، فجاءَ الإسلامُ وأقرَّ ذلك، وحثَّ عليه؛ لمَا فيه من الخَير.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6019)، ومسلم رقم (48).
الصفحة 6 / 276