أمَّا الإحسانُ فيما
بينَ العبدِ وبينَ النَّاسِ فيكون بمكافَأَتِه مُحسِنَهُم، وتَجاوُزِه عن
مُسيئِهِم، وتصدُّقِه على مُحتاجِهم، فيُحسِنُ إليهم بالقَوْلِ وبالفِعْلِ،
ويَتعامَلُ معهم التَّعاملَ الحَسنَ، ويُتقِنُ المعامَلةَ معهم كما أمَرَ اللهُ
ورسولُه.
وكذلك الإحسانُ بينَ
الإنسانِ وبينَ البَهائمِ، بأنْ يُطْعِمَ جائِعَها، ويَسقِي العَطشانَ منها،
ويُخفِّفُ عنها الألَمَ، وإذا أصابَها ألمٌ يُعالِجُها، هذا بالنِّسبَةِ إلى
البهائمِ الَّتي لا تُؤْذِي، حتَّى الكِلابِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا
كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ
مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا
بِهِ»([1]). والبَغِيُّ:
الزَّانِيَةُ، والزِّنا أعظَمُ وأقبَحُ الجرائمِ بعدَ الشِّركِ.
وفي روايَةٍ أخرى: «بَيْنَمَا
رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ
فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ
الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ
مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي ! فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً،
ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ
فَغَفَرَ لَهُ»,قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ
الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»([2])
فالواجِبُ أنْ تُحسِنَ إلى البهائمِ كما تُحسِنُ إلى النَّاسِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3467)، ومسلم رقم (2245).