×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قولُه: «إِذَا قَتَلْتُمْ» بقَصاصٍ أو بحَدٍّ «فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» فإذا استحقَّ أحدٌ منَ النَّاسِ القَتلَ بقَصاصٍ أو بحدٍّ، فإنَّه يُحسَنُ إليه في قَتْلِه ولا يُعذَّبُ قبلَ القَتلِ، ولا يُقتَلُ بآلَةٍ كالَّةٍ، أو آلةٍ تُعذِّبُه، بل يُسرِعُ القاتِلُ بقَتْلِه، ويُجْهِزُ عليه بالقتلِ دونَ أن يَشقَّ عليه، أو يُعذِّبَ في القتلِ؛ لأنَّ تَعذيبَه ظُلمٌ لا يجوزُ، أمَّا قَتلُه فهُو مَشروعٌ، فيُنفَّذُ بأسهَلَ ما يُمْكِنُ، حتَّى ولو كان كافرًا يَستحِقُّ القتلَ لكُفْرِه، فلا يُعذَّبُ عندَ قَتلِه، بل يُجْهَزْ عليه ويُقتَلُ بسُرعةٍ، فقَوْلُه صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» هذا عامٌّ للكافرِ وغيرِه.

قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا ذَبَحْتُمْ» الحيواناتُ التي يُشرَعُ ذَبْحُها، أو يُباحُ ذَبْحُها، إذا ذَبحتُموها للعبادةِ أو للأَكْلِ، أو ذبحتُموها لدَفْعِ أذاها؛ كالسِّباعِ، والكَلبِ العَقورِ، «فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ» فلا تُعذِّبِ المَذبوحَ بأنْ تجُرَّه إلى القتلِ جرًّا، أو تجُرَّ الذَّبيحةَ من آذَانِها، أو تَذبَحَها بآلةٍ كالَّةٍ، أو تَطرَحَها على الأرضِ ثمَّ تُؤخِّرُ ذَبحَها وتَتَشاغَلُ عنها وأنتَ مُمْسِكُها، فهذا لا يجوزُ لأنَّه تعذيبٌ لها.

والواجِبُ أن تَذْبَحها بأسهَلَ ما يكونُ، وإذا ذَبحْتَها لا تُسرِعُ بتَقْطيعِها قبلَ أن تَموتَ، اصبِرْ إلى أن تَموتَ وتَبرُدَ، فما دامَ فيها حَركَةٌ وفيها رُوحٌ لا تَجمَعْ عليها العذابَ - عذابَ المَوتِ وعذابَ التَّقطيعِ - بل تَتْرُكها إلى أن تموتَ.


الشرح