أوَّلاً في تعامُلِه معَ
اللهِ: يجبُ على المُسلمِ أنْ يَتَّقيَ اللهَ بطاعَتِه، وتَرْكِ مَعصيَتِه،
فالتَّقوى: هيَ فِعلُ ما أمرَ اللهُ به، وتَركُ ما نَهى اللهُ عنه؛ لأنَّ هذا
يَقيهِ من عَذابِ اللهِ وغَضبِه. وتَقْوى اللهِ كلمةٌ جامعةٌ تَجمَعُ كلَّ خصالِ
الخَيرِ، وهيَ وصيَّةُ اللهِ لجميعِ خلْقِه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ
وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ
اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131]، فهي كلمةٌ جامعةٌ
عظيمةٌ.
قالَ صلى الله عليه
وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» فيجبُ على المُسلمِ أنْ يتَّقيَ
اللهَ في أيِّ مكانٍ، حينَما يَظهَرُ مع النَّاسِ، وحينَما يكونُ وحدَهُ لا
يتغيَّرُ تَعامُلُه معَ اللهِ، أمَّا إذا كانَ مع النَّاسِ أظهَرَ التَّقوى
والتَّنسُّكَ، وإذا اختَفَى عن النَّاسِ بارَزَ اللهَ بالمَعاصي والمُخالَفاتِ،
فهذا مُنافِقٌ.
وقوْلُه: «حَيْثُمَا كُنْتَ» يدُلُّ على أنَّ الإنسانَ يَجِبُ عليه ألاَّ يَنظُرَ إلى النَّاسِ، ولا يَخشَى النَّاسَ، وإنَّما يَخشَى اللهَ سبحانه وتعالى، سواءً كانَ مع النَّاسِ أو كان خَاليًا بنَفْسِه؛ لأنَّ اللهَ يَعلَمُ حالَه، حتَّى لو توارَى عنِ النَّاسِ فإنَّ اللهَ لا يَخفَى عليهِ شَيءٌ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]، وقالَ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: 108]، أمَّا النَّاسُ فهُم لا يَعلمونَ عَن باطِنِكَ ولو كُنتَ جالِسًا بينَهم، ومِن بابِ أَولَى ألاَّ يَعلموا عنكَ شَيئًا إذا اختَفَيْتَ عنهم، لكنَّ اللهَ تَعالى يعلَمُ؛ ولهذَا قالَ صلى الله عليه وسلم: «الإِْحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ»([1])
([1]) سبق تخريجه.