ثمَّ إنَّ بعضَ
النَّاسِ إذا كانَ في بلادِ المُسلمينَ أظهَرَ الإسلامَ، فإذا ذهَبَ إلى بلادِ
الكُفرِ تَنكَّرَ، ووافقَ الكفَّارَ على ما هم عليه، فيتلوَّنُ كما تَتلوَّنُ
الحِرْباءُ، وهذا أمرٌ لا يجوزُ، والواجِبُ على المُسلمِ أن يَخافَ اللهَ
ويُراقِبَه سبحانه وتعالى في أيِّ مكانٍ، وفي أيِّ بلدٍ.
ثانيًا: بينَه وبينَ
نَفْسِه: قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ
تَمْحُهَا»، فإذا صَدرتْ منَ العَبدِ سَيِّئةٌ يَجبُ عليه أنْ يتوبَ إلى اللهِ
عز وجل، ويُتبِعَها بحَسناتٍ، فإنَّ الحَسناتِ يُذهِبْنَ السَّيِّئاتِ، كمَا قال
تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ
طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: 114]، قالَ صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ
الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ
مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ»([1])
قوْلُه: «تَمْحُهَا» أي تُزيلُها وتُكفِّرُها، هذا مِن فَضلِ اللهِ سبحانه وتعالى، وهذا من جُملةِ الأمورِ الَّتي يُكفِّرُ اللهُ بها الذُّنوبَ، وكذلك من حافَظَ على الفرائِضِ فإنَّ اللهَ يُكَفِّرُ عنه الذُّنوبَ الصَّغائرَ، فلا تَقنَطُ من رحْمةِ اللهِ، بل بادِرْ إلى التَّوبةِ إلى اللهِ عز وجل، قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 53]، فالتَّوبةُ تجبُّ ما قَبلَها، بلِ المُشرِكُ والكافرُ إذا تابَ تابَ اللهُ عليهِ، قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]، فكيفَ بالذّنبِ الَّذي هو دُونَ الكُفرِ والشِّركِ؟ فلا تَتعاظَمِ الذُّنوب، وتَيأسْ من رَحمةِ اللهِ، وتَيأسْ من التَّوبةِ، تُبْ إلى اللهِ عز وجل،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (233).