×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 فرَجَ اللهِ قريبٌ، ولا تيأسْ ولا تَقْنطْ من رحمةِ اللهِ، وقد خرجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ مَسرورًا فَرحًا وهو يَضحَكُ ويقولُ: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ»([1]) ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح: 5- 6] العُسرُ مرَّةٌ واحدةٌ؛ لأنَّه معرَّفٌ بالألفِ واللاَّمِ، فهوَ عُسرٌ واحِدٌ، واليُسرُ منكَّرٌ مكرَّرٌ مرَّتَيْنِ يَقتضي التَّكرارَ، فكلُّ عُسرٍ معه يُسرانِ، وهذا مِن فضلِ اللهِ سبحانه وتعالى.

فدلَّ ذلكَ على أنَّ الإنسانَ يَنبَغي له ألاَّ يَضيقَ به الأمرُ أبدًا، ولا يَقنَطَ من رَحمةِ اللهِ، وأنْ يَتوقَّعَ الخَيرَ منَ اللهِ دائِمًا وأَبدًا، وليس هناك أَحدٌ في هذهِ الدُّنيا سالِمٌ، بل لابدَّ أنْ يَحصُلَ عليه شَيءٌ من البَلاءِ، فإِنَّ «أَشَدَّ النَّاسِ بَلاَءً الأَْنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَْمْثَلُ فَالأَْمْثَلُ»([2])، فعَلَيه أن يُقابِلَ هذه الأمورَ بالصَّبرِ؛ فإِنَّ النَّصْرَ مع الصَّبْرِ، والفَرَجَ مع الكَرْبِ، والعُسْرُ يُصبَرُ عليه بانتِظارِ اليُسرِ منَ اللهِ سبحانه وتعالى، فهو - سبحانه - لا يَترُكُ عبدَه أبدًا، ولكنَّهُ يَبتَلِيه لِيَظهَرَ صَبرُه وتَحمُّلُه وإيمانُه باللهِ عز وجل، فهذا حديثٌ عظيمٌ ووصايا عظيمةٌ وصَّى بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأمَّةَ بواسطةِ هذا الغُلامِ المُباركِ.


الشرح

([1])  أخرجه: الحاكم رقم (3176)، والبيهقي في «الشعب» رقم (9538).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2398)، وابن ماجه رقم (4023)، والدارمي رقم (2783)، وأحمد رقم (27079).