×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قالَ بعضُ أهلِ العِلمِ: وهذا فيه دليلٌ على أنَّ القِياسَ دليلٌ صحيحٌ حيثُ إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم استَعْمَله، فهذا مِن أدلَّةِ العَملِ بالقِياسِ في الشَّريعةِ، والقِياسُ هو الأصلُ الرَّابعُ منْ أُصولِ الأدلَّةِ في الشَّريعَةِ الَّتي هيَ: القُرآنُ، والسُّنَّةُ، والإجماعُ، والقِياسُ.

والقياسُ: هو إلحاقُ فرْعٍ بأصل بالحُكْمِ، بِعلَّةٍ جامِعَةٍ، فهو دليلٌ صحيحٌ استَعْمَله النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.

فهذا الحديثُ فيهِ سَعةُ فَضلِ اللهِ وتَيسيرُ اللهِ جل وعلا الخيرَ لعِبادِه، وأنَّك إذا عَجَزْتَ عن إنفاقِ المالِ فلا تَعجِزُ عن هذه الخِصالِ الَّتي لا تَحتاجُ إلى مالٍ، ولا تَحتاجُ إلى كُلْفةٍ، وفيه فَضلُ الأغنياءِ الَّذين يَتصدَّقون، وفيه حِرْصُ الصَّحابةِ على الخَيرِ، وأنَّ الإنسانَ يَنبغي له أن يَندَمَ على عَجزِه عن فِعْلِ الخَيرِ، فإذا نَدِمَ وتَمنَّى يُلحَقُ بأهْلِ الخيرِ بِنيَّتِه.

وفيهِ أنَّ العاداتِ مع النِّيَّةِ الصَّالحةِ تتحوَّلُ إلى عِباداتٍ، كما في وَضْعِ الرَّجلِ شَهوَتَه، هذه عادةٌ إذا نَوى بها إعفافَ نَفْسِه، وإعفافَ زَوجَتِه، والكفَّ عنِ الحرامِ صارَتْ عبادةً، فيَنبَغي للإنسانِ أن يُحسِنَ نيَّتَهُ في جميعِ أمورِه حتَّى يُؤجَرَ عليها.


الشرح