×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 أينَ يَصرِفُها؟ وأينَ يَتخلَّصُ منها؟ جعَلَ اللهُ له مَصرِفًا شَريفًا ومُنتِجًا يَضعُ فيه شَهوتَه، بأنْ خَلقَ الزَّوجاتِ، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا [الروم: 21]، زوجاتٍ من النِّساءِ يَضعُ فيها الزَّوجُ شَهوَتَه، ويَسلَمُ من غَائِلِها، وأيضًا هيَ زَرعٌ وبَذرٌ في تُربةٍ طيَّبةٍ تُنتِجُ الذُّرِّيَّةَ الصَّالحةَ، فإذا قَصرَ شهوَتَه على ما أحلَّ اللهُ فلهُ في ذلك صَدقةٌ؛ لأنَّه أعفَّ نَفْسَه، وأعَفَّ زَوجَتَه، وأيضًا ساهَمَ في بِناءِ الأمَّةِ بإيجادِ الذُّرِّيَّةِ الصَّالحةِ، فصارَ في هذه الشَّهوةِ خَيرٌ كثيرٌ ونَفعٌ عظيمٌ، له فيها صدقةٌ.

تعجَّبَ الصَّحابةُ وقالوا: «أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟» قالَ صلى الله عليه وسلم: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ» أي في غَيرِ زَوجتِه، كالَّذي يَزني أو يَفعَلُ اللِّواطَ «أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟» سألهم عَن شَيءٍ مَعروفٍ؛ لأجْلِ أنْ يُقرِّرَ لهم هذا؛ ولذلكَ قالوا: «نعم»، «فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرًا» بَيَّنَ لهم صلى الله عليه وسلم كيفَ يُؤْجَرُ الإنسانُ على إِتيانِه الشَّهوةَ في زَوجَتِه بالقِياسِ على مَن وضَعَهَا في حرامٍ فكانَ عليه وِزرٌ، قالَ اللهُ جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون: 5- 7]، ووضَعَ عُقوبةً عاجلةً وآجلةً على الزِّنا، في الدُّنيا بالحدِّ، وفي الآخرةِ بالعَذابِ الشَّديدِ والعِياذُ باللهِ، الزُّناةُ والزَّواني يُعذَّبون في النَّارِ تَعذيبًا خاصًّا زائدًا على تَعذيبِ الآخَرينَ، كما جاءَتْ بذلكَ الأحاديثُ.


الشرح