تحمَّلَ، وأنت عليكَ
ما تحمَّلْتَ لا يُغْني عَنكَ مِنَ اللهِ شَيئًا، وقد تُبَهْرِجُ عليه، أو تقولُ
له كلامًا على خِلافِ الحقيقةِ، وهوَ يُفْتيك على ما يَسمَعُ، كما كان النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم يَقضِي على نَحْوِ ما يَسمعُ؛ لأنَّه بَشرٌ([1]).
فعَلى المسلمِ أنْ يَتَّخذَ هذا الحديثَ مِيزانًا يَسيرُ عليه فيما يَسمَعُ أو يُقالُ أو يَكتبُ منَ الفَتاوَى، خُصوصًا في هذا الزَّمانِ الَّذي قلَّ فيه خَوفُ اللهِ وتَجرَّأ النَّاسُ على الفَتوى، وعلى القَولِ على اللهِ بغَيرِ عِلْمٍ، إلاَّ مَن شاءَ اللهُ، فهذا الحديثُ يَنفعُ نَفعًا عظيمًا يُمثِّلُ هذا الوَقتَ، وهو نافعٌ في كلِّ وقتٍ، لكن كلَّما اشتَدَّتِ الحاجَةُ إليه كان نفْعُه أعظَمَ، فما يسمعُ المسلمُ منَ الأقوالِ والفَتاوَى يُميِّزُ بينَها بمِيزانِ نَفْسِه، وما تَطمَئِنُّ إليه وما تَنفِرُ منه، لكنَّ بَعضَ النَّاسِ إذا صارَ له هَوًى، فإنَّه يَتَّبعُ الأقوالَ والفَتاوى ولو ما استَساغَها في نَفْسِه، إنَّما يأخُذُها طاعةً لهَوَاه وهذا إِثْمٌ بلا شكٍّ.
([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (2458)، ومسلم رقم (1713).
الصفحة 5 / 276