حينَما حَسدَ آدمُ عليه السلام، وكما حَملَ
اليَهودَ على الكُفرِ بمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ
عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109]، حَمَلَهمُ الحَسدُ على الكُفرِ به وهم يَعلَمُون
أنَّه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ﴿تَبَيَّنَ
لَهُمُ الْحَقُّ﴾ فهُم لم يَكْفُروا به عن
جَهْلٍ، وإنَّما كَفَروا به عن عِلْمٍ بأنَّه هو رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
لكنَّهم حسَدُوه.
وقد يَحمِلُ الحَسدُ
على قَتلِ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ، كما قَتلَ أحَدُ ابني آدمَ أخَاهُ،
حَسدَهُ على أن يَتقبَّلَ اللهُ منه ولم يَتقبَّلْ منَ القاتِلِ، فحمَلَه الحَسدُ
على قَتْلِ أخيه وقَطيعَةِ الرَّحمِ.
وقد يَحمِلُ الحَسدُ على التَّنافُرِ بينَ المُسلمينَ وبُغْضِ بعضِهم لبَعضٍ، فالحَسدُ آفَةٌ خطيرةٌ، فإذا رأيتَ على أَخِيك نِعْمةً فإنَّك تَدعو له بالبَرَكَةِ، وتَطلُبُ منَ اللهِ أن يُعطيَك مِثْلَها أو أحْسَنَ منها؛ ولذلكَ جاءَ في الحديثِ: «لاَ حَسَدَ إلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا»([1]) أي: رجُلٌ آتَاهُ اللهُ علمًا فهو يُعلِّمُه للنَّاسِ، ورجُلٌ آتاهُ اللهُ مالاً فهُو يَتصدَّقُ منه، يَراهُ أخوهُ المؤمنُ فيَتمنَّى أنْ يكونَ مِثْلُه ليَعمَلَ مِثْلَ عَمَلِه، قالَ صلى الله عليه وسلم: «فَهُمَا فِي الأَْجْرِ سَوَاءٌ»([2]) هذه تُسمَّى «الغِبْطَةَ» وهِي تَمنِّي أنْ يُعطِيَك اللهُ مِثْلَ ما أعطى اللهُ أخاك، لتَعمَلَ مِثْلَ عَمَلِه مِنَ الخيرِ،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (73)، ومسلم رقم (816).