×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»([1])، فلا تَظلِمْ أَخاكَ بأنْ يَصدُرَ منك ظُلْمٌ في حَقِّه، ولا تَتْرُكْه يَظلِمُ وأنتَ تَقدرُ على دَفْعِ الظُّلمِ عنه، سواءٌ كان ظُلْمًا ماليًّا، أو عِرْضًا، أو غيرِ ذلكَ؛ لأنَّ عِرْضَ أخيكَ مِثْلُ عِرْضِك.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ يَكْذِبُهُ» لا تَكذبُ عليه في المُعامَلةِ، ولا تَكذِبُ عليه في الحديثِ، فلتكُنْ صادِقًا مع أخيكَ كما أنَّك تُحِبُّ أن يَصدُقَ لك.

قولُه صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ يَحْقِرُهُ» أي: لا تُقلِّلْ من شَأْنِه؛ لأنَّ المُسلمَ عندَ اللهِ عظيمٌ، وإن كان ليس له مَظهَرٌ، أو ليسَ له مالٌ، أو ليس له جاهٌ، ما دامَ أنَّه مُؤمنٌ فهو عظيمٌ عند اللهِ سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالأَْبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ»([2])، فليسَتِ العِبرةُ بالمَظهَرِ أو بالجاهِ أو بالمالِ أو بالقُوَّةِ، وإنَّما العِبرَةُ بالإيمانِ، فالمُؤمنُ قريبٌ منَ اللهِ عز وجل، وكريمٌ على اللهِ، وهو وليُّ اللهِ، فلا تَحقِرْ أخاك المُؤمنَ بأنْ تُقلِّلَ مِن شَأْنِه، أو تقولَ: لا يَستحقُّ كذا، أو هوَ ليسَ بأهْلٍ لهذا، أو تَزدَرِيه، بل عَليكَ أنْ تَحترِمَ أخاك على أيِّ حالٍ كانَ، ولو كانَ مُحتَقرًا في مَرْأَى أو في اعتِبارِ النَّاسِ فأنتَ تُعظِّمُه؛ لأنَّه كريمٌ على اللهِ سبحانه وتعالى.

بهذهِ الأخلاقِ العظيمةِ يَصلُحُ المُجتمعُ، وبِفُقدانِها أو بفَقدِ شَيءٍ منها يَختلُّ المُجتمعُ، فالإسلامُ جاءَ بكلِّ ما يَبنِي المُجتمَعَ، ونَهى عَن كلِّ ما يُخلُّ به، فهذِه مَنهيَّاتٌ نَهَى عنها الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّها ممَّا يُخلُّ ببِناءِ المُجتمعِ المسلمِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2443).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2622).