×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 منَ اللهِ، أمَّا إذا تَرَكَها لأنَّه لم يَتمكَّنْ منها ونِيَّتُه لفِعْلِها باقيَةٌ فإنَّها تُكتَبُ عليه سَيِّئةً؛ لأنَّ نِيَّتَه السَّيئةَ باقيةٌ.

ثمَّ قالَ: «وإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» فالسَّيِّئاتُ لا تُضاعَفُ؛ لأنَّ الجَزاءَ عليها مِن بابِ العَدلِ، واللهُ لا يَظلِمُ أحَدًا، ولا يَكتبُ عليه شيئًا لم يَعمَلْه، فيَكتبُ عليه سيّئةً واحدةً، وأمَّا مُضاعفَةُ الحسنةِ فهوَ فَضلٌ منَ اللهِ سبحانه وتعالى.

فهذا حديثٌ عظيمٌ وبُشْرَى للمسلمِ، وحثٌّ له على أنْ يَنوِيَ الخَيرَ ويَعمَلَه، وأنْ يَترُكَ الشَّرَّ، وفيه تَحذيرٌ من نِيَّةِ الشَّرِّ ومِن نِيَّةِ السُّوءِ فإنَّها تَهْلكُ صاحِبَها، كما جاءَ في الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا شَأْنُ الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»([1])  يعني: ماتَ وهو لم يَعدِلْ عن قَتلِ صاحبِه، فهو يريدُ قَتْلَه لكنَّه لم يَتمكَّنْ منه، فنِيَّتُه السَّيِّئَةُ باقيةٌ؛ فلذلكَ استَحقَّ دُخولَ النَّارِ - والعِياذُ باللهِ - معَ أنَّه مَقتولٌ، جَزاءً على نِيَّتِه السَّيِّئةِ.

فعَلَى المسلمِ أنْ يُحسِنَ نِيَّتَه ويُخَلِّصُها للهِ عز وجل، وأنْ يَترُكَ فِعْلَ السَّيِّئاتِ والهمِّ بها ويَعدلَ عنها، ولا يُطاوِعَ نَفْسِه الأمَّارةَ بالسُّوءِ، ولا يُطاوِعَ الشَّيطانَ، فيَترُكَ فِعلَ السَّيِّئاتِ خَوفًا منَ اللهِ عز وجل.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (31)، ومسلم رقم (2888).