×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 فالَّذين يُقالُ: إنَّهم أولياءُ. وهم غَيرُ أتْقياءٍ وغيرُ مؤمنينَ؛ منَ السَّحرةِ والكَهنةِ والكَفرةِ، والذين يُقالُ: لهم كَراماتٌ ولهم خَوارقُ، وهم لا يُصلُّون ولا يَخافُون اللهَ عز وجل، ويقولون: ليسَ عليهم تَكاليفٌ؛ لأنَّهم أولياءُ اللهِ، لأنَّهم وَصَلُوا إلى اللهِ، وليسوا بحاجَةٍ إلى الأَعمالِ، ويَتَّخذُونهم أولياءَ للهِ وهم أولياءُ للشّياطينِ والعِياذُ باللهِ، هذه مُغالَطَةٌ ومُحادَّةٌ للهِ أنْ يَجعَلَ أعداءَ اللهِ أولياءً لهُ.

فهذا فاصِلٌ في بيانِ وَليِّ اللهِ: أنَّه هو الَّذي يُؤمِنُ باللهِ ويَتَّقيه، ولا يَرضَى أن يُعبَدَ مِن دُونِ اللهِ، وإنَّما يدعو إلى تَوحيدِ اللهِ، وإلى عبادَةِ اللهِ، أمَّا الَّذي يأمُرُ النَّاسَ بعِبادَتِه وتَعظيمِه والتَّرفُّعِ، فهذا وليٌّ للشَّيطانِ، كما قالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النَّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 257]، فهُناكَ وليٌّ للهِ، ووَليٌّ للشَّيطانِ، فما كُلُّ مَن قيلَ: إنَّه وليٌّ، وبُنيَ على قَبرِه ضَريحٌ وقُبَّةٌ وزُخرِفَ قَبرُه يكونُ وليًّا للهِ، قد يكونُ من أعداءِ اللهِ، وحتَّى وليُّ اللهِ الصَّحيحُ لا يُعبدُ ولا يُدْعى ولا يُستغاثُ به، ولو ثَبتَ أنَّه وليٌّ للهِ عز وجل، ونحنُ لا نَشهَدُ لأحَدٍ أنَّه وليٌّ للهِ، ولا نَشهَدُ على أحَدٍ أنَّه مِنْ أهْلِ النَّارِ، لكنْ نحنُ نَرجو للمُحسِنِ ونَخافُ على المُسيءِ، إلاَّ مَن شَهِدَ له اللهُ، أو شهدَ له الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم أنَّه وليٌّ للهِ، أو أنَّه عدوٌّ للهِ، فهذا نَحكُمُ عليهِ بالدَّليلِ.

قولُه: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا» أي: مَن آذَى وليَّ اللهِ وعاداهُ وآذاهُ وتعرَّضَ له بالسُّوءِ، فإنَّ اللهَ يَنتَقِمُ لوَليِّه، قالَ: «فَقَدْ آذَنْتُهُ» آذَنتُه: يعني


الشرح