أعْلَمْتُه، «بِالْحَرْبِ» أي: أنَّه
مُحارِبٌ للهِ، وهل أحَدٌ يستطيعُ أنْ يُحارِبَ اللهَ سبحانه وتعالى ؟ اللهُ جل
وعلا هو القَويُّ الَّذي لا يُغالَبُ، ولا يَستطيعُ أحَدٌ أنْ يُحارِبَه، قال
تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الفتح: 7]، يُسلِّطُ عليه مِن
جُنودِه الخَفيَّةِ والظَّاهرَةِ، ويُسلِّطُ عليه مِن جُنُودِه: منَ الأمْراضِ
والأسْقامِ، ومنَ الكَفرةِ والشَّياطينِ، يُسلِّطُ عليه حتَّى البَعوضَ
والذُّبابَ، ويُسلّطُ عليه من جُنودِه ما يُؤذِيه ويُقْلقُه، فمَن عادى اللهَ ومَن
حارَبَه فإنَّ اللهَ جل وعلا قادرٌ على إهْلاكِه بأيِّ شَيءٍ، فاللهُ يَنتقِمُ
لأوليائِه، فلا تؤذِ عبادَ اللهِ المُؤمنينَ، لا بالقَولِ ولا بالعَملِ، احذَرْ؛
لأنَّ اللهَ يَنتَقمُ لهم، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ
عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [آل عمران: 4]، فلا تُؤْذِهم
بقوْلٍ بِغِيبَةٍ ولا بِنَميمَةٍ ولا بِمَسبَّةٍ، ولا تُؤذِهم بالفعلِ كأنْ
تَتطاوَلَ عليهم، بل تَجِبُ عليك مَحبَّتُهم ومُناصَرَتُهم؛ لأنَّ اللهَ يُحبُّهم،
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا
بُهْتَاناً وَإِثْمًا مُبِيناً ﴾ [الأحزاب: 58].
ثمَّ قال - سبحانه -: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُه عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ» التَّقرُّبُ إلى اللهِ مَطلوبٌ ومأمورٌ به، بأنْ تَعملَ الحسناتِ والطَّاعاتِ والقُرباتِ، والتَّقرُّبُ إلى الله ليس بالدَّعْوى، وإنَّما هو بالأعمالِ، فتتَقرَّبُ إليه بالأعمالِ الصَّالحةِ، ولا تَتقرَّبُ إليه إلاَّ بما شَرعَه، فلا تَتقرَّبُ إليه بالبِدعِ والخُرافاتِ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»([1]).
([1]) سبق تخريجه.