أي مَردودٌ عليه، فلا تَتقرَّبُ إليه إلاَّ بما
شَرعهُ؛ ولهَذا قالَ: «أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُه عَلَيْهِ»
فدلَّ على أنَّ التَّقرُّبَ إلى اللهِ إنَّما يكونُ بمَا شَرَعه إيجابًا أوِ
استِحبابًا، إيجابًا كالفُروضِ، مِن أداءِ الصَّلواتِ الخَمسِ، والزَّكاةِ، وصَومِ
رمضانَ، وحجِّ بَيتِ اللهِ الحرامِ، وصِلةِ الأرحامِ، هذه واجباتٌ وفرائضُ، أو
استِحبابًا من نَوافلِ الطَّاعاتِ: صلاةِ اللَّيلِ، وصلاةِ الضُّحى، والرَّواتبِ
الَّتي مع الفرائضِ، هذه نوافلُ ليستْ واجبَةً إنَّما هيَ مُستحبَّةٌ ومُكمِّلةٌ
للفرائضِ وزيادةُ خيرٍ، فلا يَنبَغي للمسلمِ أنْ يَقتصِرَ على الفرائضِ، بل عليه
أنْ يَتزوَّدَ منَ النَّوافلِ أيضًا، فهذا هو وَليُّ اللهِ عز وجل الَّذي
يَتقرَّبُ إليه بالفرائضِ والنَّوافلِ، قال: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي
بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ» دلَّ على أنَّ اللهَ يُحِبُّ الأعمالَ الصَّالحةَ؛
كما أنَّه يَكْرَهُ الأعمالَ السَّيِّئةَ، واللهُ يُحبُّ ويَبغضُ ويَكرَهُ
ويَسخَطُ كما يَليقُ بجَلالِه سبحانه وتعالى.
قوْلُه: «وَمَا يَزَالُ
عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ» هذا فيهِ الحثُّ على النَّوافلِ،
وأنْ لا يَزهَدَ الإنسانُ فيها؛ لأنَّ فيها خيرًا كثيرًا، والنَّوافلُ: جمعُ
نافلَةٍ، وهيَ الزِّيادَةُ، يعني: زِيادةٌ على الفرائضِ.
ثمَّ قال - سبحانه -: «حَتَّى أُحِبَّهُ» هذا فيهِ إثباتُ المَحبَّةِ للهِ عز وجل وأنَّه يُحبُّ عِبادَه الصَّالحينَ، ويُحبُّ الأعمالَ الصَّالحَةَ، ودلَّ على أنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ تُسبِّبُ مَحبَّةَ اللهِ للعَبدِ، فإذا كنتَ تُريدُ أنْ يُحبَّك اللهُ فأكثِرْ مِنَ الطَّاعاتِ، وإذا كنتَ تريدُ أنْ يُحبَّكَ اللهُ فاتَّبِعِ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31].