×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قال - سُبحانه -: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا» بمعنى: أنَّ اللهَ يُسدِّدَه في هذه الأمورِ، فلا يَنظرُ إلاَّ إلى ما يُرضِي اللهَ، ولا يَسمعُ بأُذُنِه إلاَّ ما يُرضِي اللهَ، فيَغُضُّ بَصَرَه عمَّا يُسخِطُ اللهَ، ولا يَسمَعُ إلى ما حرَّمَ اللهَ، وإنَّما يَستعمِلُ هذه الحَواسَّ في طاعةِ اللهِ عز وجل؛ وكذلك «وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا» فلا يَأخُذُ ويُعطي إلاَّ للهِ عز وجل، لا يَستعمِلُ يدَه إلاَّ فيما هوَ مِن طاعةِ اللهِ عز وجل، «وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا» لا يَمْشي إلاَّ إلى ما يُرضِي اللهَ، فيَمشِي للمَساجدِ، ويَمشي لصِلةِ الأرحامِ، ويَمشِي إلى طاعَةِ اللهِ عز وجل، ولا يَمشي إلى المَسارحِ والمَلاعبِ وإلى أمْكنَةِ الفسادِ؛ لأنَّ خُطواتِه تُكتَبُ عليه، إذا مَشَى إلى خَيرٍ تُكتَبُ خُطواتُه له حسناتٍ فيوَفِّقُه اللهُ في سَمْعِه، ويُوفِّقُه في بَصَرِه، ويُوَفِّقُه في يَدِه، ويُوفِّقُه في رِجْلِه، فلا يَمشي ولا يَأخُذُ ولا يُعْطي ولا يَنظُرُ ولا يَسمعُ إلاَّ ما فيه نَفْعُه عندَ اللهِ، والسَّببُ في هذا أنَّه تَقرَّبَ إلى اللهِ بالفرائضِ ثمَّ أَتْبَعها بالنَّوافلِ، فمَن أرادَ هذهِ المَزيَّةَ، فعَلَيْه أنْ يُحافِظَ على الفرائضِ، وأنْ يَتقرَّبَ إلى اللهِ بالنَّوافلِ ما استَطاعَ، فهذهِ مَزيَّةٌ عظيمةٌ، وهيَ سهْلةٌ لمَن وَفَّقهُ اللهُ عز وجل، وصعبةٌ على مَن حرَّمَهُ اللهُ.

فعَلَى المسلمِ أنْ يسأَلَ اللهَ الصَّلاحَ والهِدايةَ والتَّوفيقَ، ويَستعينَ باللهِ عز وجل، ولا يكونُ على العَكْسِ مُخالفًا للهِ عز وجل، تابِعًا لهَواهُ، تابِعًا لشَهوةِ نَفْسِه، تابِعًا للشَّيطانِ الرَّجيمِ، فلْيَحذَرْ مِن هذا.


الشرح