×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»([1]).

والحج لما كان يحتاج إلى سفر، ويحتاج إلى مؤونة، ويحتاج إلى قوة بدنية؛ فَرَضه الله سبحانه وتعالى على المسلم مرة واحدة في العمر على المستطيع ماليًّا وبدنيًّا. وأما الذي لا يستطيع، فليس عليه شيء: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ [آل عمران: 97].

ولما سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ سَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»([2]).

وهذا من تيسير الله على عباده، أنه لم يوجبه إلاَّ مرة واحدة في العمر، ولم يوجبه إلاَّ على المستطيع في ماله وبدنه، فلا يجب إلاَّ على المستطيع ماليًّا وبدنيًّا.

وأما إذا كان يستطيع ماليًّا ولا يستطيع بدنيًّا:

فإن كان يرجى زوال عذره، فإنه ينتظر حتى يزول العذر ويحج.

أما إذا كان لا يرجى زوال عذره ولا يُتصور أنه يحج بنفسه، فإنه يوكل أو ينيب مَن يحج عنه؛ فقد لا تتأتي له المباشرة ولكنه يستطيعه ماليًّا؛ فهذا ينيب مَن يحج عنه.

وإن كان ينتظر حتى يزول عذره ويستطيع، فهذا ينتظر حتى يستطيع ويحج بنفسه.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1819)، ومسلم رقم (1350).

([2]) أخرجه: مسلم رقم (1337).