×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

بَابُ: النَّذْرِ

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً - وَفِي رِوَايَةٍ: يَوْمًا - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»([1]).

*****

  هذا فيه: أن مَن نَذَر طاعة فإنه يوفي بها، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ، فَلْيُطِعْهُ»([2]).

ومن الطاعة: الاعتكاف، وهو لزوم مسجد لطاعة الله -تعالى-([3]).

هذا هو الاعتكاف، ويكون في رمضان وفي غيره. فهو عبادة، المكث في المسجد والجلوس في المسجد للعبادة وتمضية الوقت فيه، هذا اعتكاف، سواء في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نَذَر في الجاهلية -يعني: قبل أن يُسْلِم- أن يعتكف ليلة -وفي رواية: يومًا- في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ».

فهذا الحديث فيه دليل على مسائل:

المسألة الأولى: الرجوع إلى أهل العلم، واستفتاء أهل العلم في


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2032)، ومسلم رقم (1656).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (6696).

([3])قال ابن قدامة في المغني (3/186): «الاعتكاف في اللغة: لزوم الشيء وحَبْس النفس عليه، بِرًّا كان أو غيره. ومنه قوله تعالى: ﴿مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ [الأنبيَاء: 52]. وقال: ﴿يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ﴾ [الأعرَاف: 138].