×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ([1]).

*****

 هذا حديث ابن عمر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ» معناه: أنه قَرَن بين الحج والعمرة. والقارن يُسمى مُتمتِّعًا؛ لأنه جَمَع بين الحج والعمرة، فيُسمَّى مُتمتِّعًا.

فمعناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة والحج من ذي الحُلَيْفة، من الميقات. هذا معنى قوله: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ».

وليس معناه أنه أحرم بالعمرة أولاً، ثم فَرَغ منها، ثم أحرم بالحج بعد ذلك!! لا، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا.

آخِر الحديث يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتحلل بين العمرة والحج، وإنما بقي على إحرامه.

فيكون المراد بقوله: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ»؛ أي: جَمَع بين العمرة والحج في إحرامه قارنًا صلى الله عليه وسلم. هذا هو الصحيح في نُسُك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قارنًا. قال الإمام أحمد رحمه الله: «لا أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنًا».

«وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ»، هذا حُكْم آخَر، وهو أن الأفضل أن يسوق الهَدْي معه من الميقات، هذا هو الأفضل والأكمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ساقه من الميقات معه واستصحبه معه.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1691)، ومسلم رقم (1227).