وأما الإشعار -
إشعار الهَدْي - فمعناه: أنه في الإبل يُكشط سَنام البعير من الجانب الأيمن، حتى
يسيل الدم، ثم يُمْسَح على صفحة السَّنام؛ ليبقى أثر الدم عليه؛ حتى يُعْرَف أنه
هَدْي. هذا معنى الإشعار، ﴿لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ
ٱللَّهِ﴾ [المائدة: 2].
فالهَدْي يُجْعَل له
علامتان: القلائد على رقابه. والإشعار، وهذا خاص بالإبل، أما الغنم فلا تُشعر لأنها
ضعيفة، وإنما هذا خاص بالإبل، يُكشط جانب السنام، فإذا سال الدم، يُمسح على
السنام؛ حتى يُعرف أنه هدي، فلا يُتعرض له.
ففي الحديث: دليل على إشعار
الهَدْي وتقليده. هذه مسألة.
المسألة الثانية: في الحديث دليل
على أن الهَدْي ليس خاصًّا بالحاج والمعتمر، فيجوز للإنسان أن يُهْدِي ولو كان غير
حاج أو معتمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى وهو في المدينة، لم يُحْرِم.
فللإنسان أنه يُرسِل
هديًا إلى الكعبة، يوكل عنه مَن يُبلغه، ويذبحه هناك، ويوزعه؛ تقربًا إلى الله
سبحانه وتعالى.
وفيه: أن مَن أهدى ولم يُحْرِم، فإنه لا يَحْرُم عليه شيء، يقول: «أنا أهديت ما أحلق رأسي حتى يُذبح الهَدْي» لا، هذا ما أحرم، له أن يحلق رأسه، وله أنه يتمتع بزوجته، وله أن يتطيب؛ لأنه لم يُحْرِم، وأن إرسال الهدي لا يمنعه من ذلك، وإنما الذي يمنعه من ذلك هو الإحرام؛ ولهذا قالت رضي الله عنها: «وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا».