×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فالرجل ظهر على وجهه شيء من التأثر، لماذا رد النبي صلى الله عليه وسلم عليه هديته؟! وليس من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يرد الهدية، بل من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يقبل الهدية؟

فالرجل ظن أن الرسول في نفسه عليه شيء؛ لذلك تغير وجهه، الرسول لما رآه كذلك طَيَّب خاطره وبَيَّن له المانع فقال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ» بَيَّن له العذر من أجل أن يذهب ما فيه نفسه من التأثر.

ظاهر هذا الحديث يتعارض مع حديث أبي قتادة، حديث أبي قتادة أن المحرم يأكل من لحم الصيد، وحديث الصعب يدل على أن المُحْرِم لا يأكل من لحم الصيد، فما الجمع بينهما؟

الجَمْع -كما ذكرنا-: أنه إن كان صِيد من أجله أو أعان على صيده، فإنه لا يأكل. أما إذا لم يُصَد من أجله ولا أعان على صيده، فإنه يباح له الأكل منه.

فحديث الصعب بن جَثَّامة يُحْمَل على أنه صاده لأجل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك جاء به وأهداه له. فهذا دليل: على أنه صاده لأجل الرسول صلى الله عليه وسلم. فإذا صِيد لأجل المُحْرِم، فلا يأكل منه. هذا هو الجمع بين الحديثين، وهذا واضح، والحمد لله.

قوله: «وَجْهُ هَذَا الحَدِيثِ: أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ لأَِجْلَهِ...»؛ إن الرسول صلى الله عليه وسلم ظن أنه صِيد لأجله؛ فلذلك رده.


الشرح