×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ - أَوْ: بِوَدَّانَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ»([1]).

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «رِجْلَ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ: «شِقَّ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ: «عَجُزَ حِمَارٍ»([2]).

وَجْهُ هَذَا الحَدِيثِ: أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ لأَِجْلِهِ، وَالمُحْرِمُ لاَ يَأْكُلُ مَا صِيدَ لأَِجْلِهِ.

*****

قوله: «فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا»، أكلوا وهم محرمون؛ لأنهم لم يصيدوها ولم يأمروا بصيدها ولم يعينوا عليه، ولم يَصِده لأجلهم، ما صاده أبو قتادة لأجلهم، صاده من أجل نفسه ولكنه أطعمهم منه.

قوله: «فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ، فَأَكَلَ مِنْهَا»، أكلها صلى الله عليه وسلم من أجل أن يبين لهم الجواز، وأن يطيب خواطرهم، يقرر لهم الجواز حتى يقتنعوا تمامًا.

فهذا فيه: دليل على أن الصيد إنما يحرم على المحرم؛ إذا لم يصده، ولم يُعِن على صيده، أنه يحل له أن يأكل منه، ولكن سيأتينا حديث الصعب بن جَثَّامة رضي الله عنه.

قوله: «بِالأَبْوَاءِ - أَوْ: بِوَدَّانَ - » اسما مكانين بين مكة والمدينة، وهما أقرب إلى مكة.

المهم أنه أهدى للرسول صلى الله عليه وسلم، إما أهدى له الحمار كاملاً أو بعضه.

أهدى له صلى الله عليه وسلم، فرَدَّه عليه ولم يقبله صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1825)، ومسلم رقم (1193).

([2]) أخرجه: مسلم رقم (1193).