خبيث يعني: حرام، بدليل الحديث الأول: «نَهَى
عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ»، والنهي يقتضي التحريم.
«وَمَهْرُ
الْبَغِيِّ خَبِيثٌ»، نعم، سبق في الحديث الذي قبل هذا أن الرسول صلى الله
عليه وسلم نهى عنه، والنهي يقتضي التحريم؛ ولأنه في مقابل محرم وهو الزنا، فهو
خبيث وحرام.
«وَكَسْبُ
الْحَجَّامِ خَبِيثٌ»، أما كسب الحجام، فهو من النوع الأول، خبيث يعني: رديء
ليس بحرام، ولكنه رديء؛ مثل: البصل والثوم، ومثل رديء الطعام: ﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ﴾؛ يعني: الرديء.
فالمراد بـ«كسب
الحجام خبيث» أنه كسب رديء، يعني: مهنة رديئة، لماذا؟ لأن الحجام يمص الدم من
المحجوم، وربما يتطاير إلى حلقه شيء من الدم؛ فلذلك كُرِه كسب الحجام.
فينبغي للمسلم أن
يترفع عن هذه المهنة. وإن احتاج إليها فلا بأس، إذا ما وَجد ما يتعيش منه إلاَّ
بها، فليس هناك مانع. الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام أجرته، فلو
كان كسب الحجام محرمًا، ما أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم أجرته. ولكن معنى خبيث
أنه كسب رديء، إذا أمكن للمسلم أن يستغني عنه فهو أحسن، وإن احتاج إليه زالت
الكراهة.
إذا احتاج الإنسان
إلى محظور تزول الكراهة، وإذا اضطُّر إلى محرم زال التحريم، فالمحرم يباح للضرورة،
والمكروه يباح للحاجة وإن لم يضطر.
***
الصفحة 27 / 779