×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ؛ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لاَ». قُلْتُ: فَالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لاَ»، قُلْتُ: فَالثُّلُثُ.

قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ورَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ.

وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ، إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِيِّ فِي امْرَأَتِكَ».

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟!

قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً. وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ.

اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَِصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ.

لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ»([1]).

*****

  هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العَشَرة المبشرين بالجنة، من السابقين الأولين إلى الإسلام؛ أنه في حَجة


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1295)، ومسلم رقم (1628).