عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبْعِ؟ فَإِنَّ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»([1]).
*****
«وَلاَ تَرُدَّهُمْ
عَلَى أَعْقَابِهِمْ»، فهذا فيه: حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على
نفع أصحابه وبر أصحابه، وأنه يريد لهم الخير.
وفي الحديث دليل: على أنه كلما
نَقَصت الوصية عن الثلث فهو أفضل، ولكن الثلث هو الحد الأعلى.
وفيه دليل: على أنه إذا كان
مال الإنسان قليلاً، فالأَوْلى ألاَّ يوصي، بل يترك المال للورثة ولا يضايقهم
بالوصية. وأما إذا كان المال كثيرًا ولا يتضايقون، فإنه يوصي منه.
وذلك كما في قوله تعالى:
﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ
خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: 180] ﴿إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: 180] وهو المال الكثير،
فدل على أن الذي يترك مالاً قليلاً لا تُستحب له الوصية.
هذا فيه: فقه ابن عباس رضي
الله عنهما وفَهْمه، فإنه فَهِم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الثُّلُثُ،
وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»، فَهِم منه أنه يريد صلى الله عليه وسلم أن يقلل الوصية
وأن يخفضها عن الثلث، هذا هو الأفضل؛ أن يوصي بالخمس، يوصي بالسدس، يوصي بالربع،
هذا أفضل من الإيصاء بالثلث.
الثلث جائز، ولكن أن
تكون الوصية أنقص من الثلث فهذا أفضل.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2743)، ومسلم رقم (1629).
الصفحة 8 / 779