عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ نَفَرًا
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أَتَزَوَّجُ
النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ
أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ
اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا؟!
لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ!
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»([1]).
*****
هذا الحديث فيه: أن نفرًا - أي: جماعة
قليلين - عندهم رغبة في الخير، وهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريدون
الزيادة في العبادة؛ تقربًا إلى الله جل وعلا، ولكنهم لم يُقْدِموا على ذلك
حتى يسألوا عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا ينبغي للمسلم
ألاَّ يُقْدِم على عمل حتى يَعرف هل هو موافق للسُّنة أو لا؟ فإن كان موافقًا مضى
فيه، وإن كان مخالفًا تركه. هذا هو الواجب على كل مسلم.
ولما كان عمله صلى
الله عليه وسلم في البيت عملاً سريًّا، لا يطلع عليه إلاَّ أزواجه، سألوهن عن ذلك،
فأخبرنهم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وأنه كان يصلي وينام، ويصوم
ويفطر، وأن هَدْيه الاعتدال، أخبرنهم بذلك.
فكأنهم تَقَالُّوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، هم يريدون أكثر ولكنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر! لقوله تعالى: ﴿لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: 2].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5063)، ومسلم رقم (1401) واللفظ له.