×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا»([1]).

*****

  صفية: هي صفية بنت حُيَيّ بن أخطب، من زعماء اليهود المعادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد العداوة.

ولما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، حاصر اليهود ونَصَره الله عليهم، وكان فيمن قُتِل منهم حُيَيّ بن أخطب. وبنته صفية وقعت في السبي، فكانت من نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنها وقعت في سهم أحد الصحابة، فأعطاها النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

المهم أنها صارت من سهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني: صارت مملوكة بالسبي، فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم، وجَعَل عتقها صداقها.

فهذا فيه دليل: على مشروعية الصداق، وأنه لا نكاح إلاَّ بصداق.

وفيه دليل: على أن الصداق يكون مالاً، ويكون منفعة ومن ذلك العتق؛ فإنه منفعة عظيمة، فيكون صداقًا.

فالصداق: هو ما يُنتفع به، سواء كان مالاً، أو كان منفعة؛ كتعليم القرآن، أو تعليم المهنة أو الحرفة، أو كان أجرة، بأن الزوج يؤجر نفسه ويجعل أجرته صداقًا للمرأة؛ كما فَعَل موسى صلى الله عليه وسلم مع رجل مَدْيَن، فإنه قال: ﴿إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ [القصص: 27]؛ يعني: على أن ترعى الغنم ثماني سنين، الحِجج: جمع حِجة، وهي السنة([2])،﴿فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ [القصص: 27].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5086)، ومسلم رقم (1365).

([2])  انظر: تهذيب اللغة (3/ 251)، والصحاح (1/ 304)، ولسان العرب (2/ 227).