×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 هذا الحديث فيه ثلاث مسائل:

الأولى: الانتساب إلى غير نسب الإنسان - وهو يَعْلَم -، هذا لأي غرض كان من الأغراض، حتى ولو أن أباك كافر، ما يجوز أنك تنفصل منه، وتقول: «هو ليس أبي»، ولو هو كافر هو أبوك، ولو كان كافرًا، فكيف إذا كان مسلمًا؟!

والثانية: أن الإنسان لا يَدَّعِي ما ليس له من الحقوق والصفات، ولا سيما إذا ترتب على دعواه إضرار بالناس؛ كالذي يدعي الطب وهو ليس بطبيب، يعالج الناس ليأخذ أموالهم، وقد يضرهم أو يُحْدِث الوفاة بطبه، فلا يجوز له هذا. ولو أنه أتلف بعلاجه أحدًا، وجب عليه الضمان؛ لأن ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون. أما إذا كان طبيبًا حاذقًا، وعالج وترتب عليه وفاة المُعالَج، فليس عليه شيء؛ لأن هذا مأذون له بإجراء العملية والجراحة، وما ترتب على المأذون فهو غير مضمون.

وأشد من ذلك ما ذكرنا أن الإنسان يَدَّعِي أنه عالِم، ويفتي في الطلاق ويُفَرِّق بين الزوجين، أو يفتي بأن الطلاق ما وقع ويجمع بينهما على الحرام، أو يفتي بحِل دم فلان أو رِدته، وهذا أشد، أو يفتي بمسائل العلم العظيمة الخطيرة، وهو جاهل ما يدري أو نصف متعلم!! هذا لا يجوز.

يجب على الإنسان أن يحفظ نفسه ولسانه، ولا يدخل فيما لا يُحسنه وما لا يعنيه.


الشرح