×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

النبي صلى الله عليه وسلم الرءوف الرحيم بأمته؛ أحسن إليهم، وأَمَرهم أن يَلحقوا بإبل الصدقة، إبل الزكاة التي مع الراعي، مع راعي النبي صلى الله عليه وسلم في البَر؛ من أجل العلاج، وأن يشربوا من أبوالها؛ لأن أبوال الإبل فيها علاج للحُمَّى، وأن يشربوا من ألبانها، من ألبان الإبل، وفيها غذاء، الأبوال فيها علاج، والألبان فيها غذاء وفيها علاج أيضًا.

ذهبوا، وشربوا من أبوال الإبل وألبانها، فصحُّوا، وذهب ما بهم من المرض.

ثم إنهم كفروا النعمة - والعياذ بالله -، وأنكروا إحسان النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فقَتَلوا الراعي، ولم يقتلوه قتلة عادية، بل قتلوه ومَثَّلوا به، وسملوا عينيه بالمسامير، وتركوه بدون ماء حتى مات.

فلما بَلَغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم، أرسل في طلبهم، فجيء بهم عند ارتفاع النهار، فالنبي صلى الله عليه وسلم بادر بتطبيق الحد عليهم، وفَعَل بهم مثل ما فعلوا بالراعي، هذا هو العدل، فَعَل بهم مثل ما فعلوا بالراعي، بأن قَطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسَمَل أعينهم؛ يعني: ضَرَبها بالمسامير حتى تفقأت، وتَرَكهم في الحَرة يطلبون الماء فلا يُسْقَون، حتى ماتوا!! هذا من القصاص، فَعَل بهم مثل ما فعلوا بالراعي تمامًا.

قال أبو قِلاَبة راوي الحديث «تابعي»: هؤلاء جمعوا جرائم؛ قتلوا الراعي، وساقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، وحاربوا الله ورسوله. هذه هي الحِرابة، وقطع الطريق، فهم جمعوا عدة جرائم، فناسبتهم هذه العقوبة الرادعة الحاسمة!!


الشرح