وقد لَعَن النبي صلى الله عليه وسلم مَن آوى
مُحْدِثًا([1])، «مَن آوَى
مُحْدِثًا»: أي: مَنَع من إقامة الحد عليه، فهو ملعون، «لَعَنَ اللهُ
الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ»، «تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ،
فمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ»([2])، فيه دليل:
على أن الحدود إذا بلغت السلطان فلا تجوز الشفاعة فيها. أما قبل أن تبلغ السلطان،
فلهم أن يستروا عليه وأن يُصْلِحوا بين الطرفين، ولا ترتفع للسُّلطة، لكن إذا
ارتفعت إلى السُّلطة فلابد من تنفيذها.
الثالثة: فيه أنه يجب علينا
أن نخالف هَدْي مَن كان قبلنا في الاحتيال على محارم الله وأحكام الله بالحِيَل،
كما تفعل الأمم السابقة من اليهود والنصارى.
الرابعة: فيه القَسَم وإن
كان الإنسان صادقًا. فالرسول صلى الله عليه وسلم أقسم وهو الصادق المصدوق صلى الله
عليه وسلم، لكن هذا من باب الصرامة في الأمر والتأكيد فيه.
وَفِي لَفْظٍ: «كَانَتِ
امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا»، أول الرواية - أصل الرواية -: «سَرَقَتْ»،
امرأة من بني مخزوم سرقت. وفي آخر الرواية بَيَّن نوعية هذه السرقة، وهي أنها كانت
تستعير المتاع وتجحده، فتكون الرواية الثانية مُبيِّنة للرواية الأولى.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1870)، ومسلم رقم (1370).
الصفحة 11 / 779