×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

كِتَابُ القَضَاءِ

*****

القضاء: مصدر قَضَى يَقْضِي قَضَاءً.

وله معانٍ في اللغة العربية، منها: الفراغ من الشيء: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ [النساء: 103]؛ يعني: فَرَغتم منها، ﴿فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ [فصلت: 12]؛ يعني: فَرَغ، فَرَغ من خلقهن سبحانه وتعالى. فالقضاء يراد به: الفراغ.

ويراد به: قضاء الشيء الفائت، إذا فاتت العبادة فإنك تقضيها؛ كما لو نَسِيت الصلاة أو نمت عنها، ولم تفطن أو تتيقظ إلاَّ بعد خروج الوقت، فإنك تقضيها. أو صليت صلاة غير صحيحة، وخرج الوقت، وفَطِنت أن صلاتك ليست بصحيحة، تقضيها، بمعنى: تعيد الصلاة.

ويطلق القضاء، ويراد به: الحكم بين الناس.

والقضاء في الشرع: هو بيان الحكم الشرعي، مع الإلزام به، وفصل الخصومات. هذا تعريف القضاء في الإسلام.

بخلاف الفتوى؛ فإنها بيان الحكم الشرعي من غير إلزام به. فالقاضي يُلْزِم الخَصْم، وأما المفتي فلا يُلْزِم المستفتي، يبين له الحكم ويكله إلى نفسه. هذا هو الفرق بين القضاء والإفتاء.

والقضاء في الإسلام ضرورة، وقد دل على مشروعيته الكتاب والسُّنة والإجماع والقياس الصحيح.

فإن الله عز وجل قال: ﴿يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ [ص: 26].


الشرح