×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 فالقلب هو مَلِك البدن، وإذا فسد المَلِك فسدت الرعية، وإذا صلح المَلِك صلحت الرعية، فالقلب هو مَلِك الأعضاء.

فالإنسان يعتني بقلبه، فيترك المحرمات القولية والفعلية؛ ولهذا جاء في الحديث: «إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّها تُكَفِّرُ اللِّسَانَ»، تُكفِّره: يعني تعظه وتُذكِّره، فتقول له: «اتَّقِ اللهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا»([1]).

فعلى الإنسان أن يترك المطاعم والمشارب المحرمة؛ لأنها تُفسِد عليه قلبه، وبالتالي يَفسد بدنه تبعًا للقلب.

ولهذا قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ [المؤمنون: 51]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله أَمَر المؤمنين بما أَمَر به المرسلين، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51] وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!»([2]).

فالطيبات تؤثر على القلب صلاحًا واستقامة وتغذيه تغذية طيبة. والمحرمات تغذيه تغذية خبيثة.


الشرح

([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2407)، وأحمد رقم (11908)، والطيالسي رقم (2323)، وأبو يعلى رقم (1185).

([2]) أخرجه: مسلم رقم (1418).