فالقلب هو مَلِك البدن، وإذا فسد المَلِك فسدت
الرعية، وإذا صلح المَلِك صلحت الرعية، فالقلب هو مَلِك الأعضاء.
فالإنسان يعتني
بقلبه، فيترك المحرمات القولية والفعلية؛ ولهذا جاء في الحديث: «إِذَا أَصْبَحَ
ابْنُ آدَمَ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّها تُكَفِّرُ اللِّسَانَ»، تُكفِّره:
يعني تعظه وتُذكِّره، فتقول له: «اتَّقِ اللهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ،
فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا»([1]).
فعلى الإنسان أن يترك
المطاعم والمشارب المحرمة؛ لأنها تُفسِد عليه قلبه، وبالتالي يَفسد بدنه تبعًا
للقلب.
ولهذا قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ
صَٰلِحًاۖ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال النبي صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ الله أَمَر المؤمنين بما أَمَر به المرسلين، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ
صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ﴾ [المؤمنون: 51] وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا
رَزَقۡنَٰكُمۡ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ
الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى
السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ،
وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!»([2]).
فالطيبات تؤثر على القلب صلاحًا واستقامة وتغذيه تغذية طيبة. والمحرمات تغذيه تغذية خبيثة.