×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 فلا يَحُمِ الإنسان حولها خَشية أن يقع فيها، ولا يُزكِّي نفسه ويقل: أنا عالم، وأنا أدري وأعرف! لا يُزكِّي نفسه: ﴿إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ [يوسف: 53].

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بَيَّن أن في الجسد مضغة، إذا صَلَحت هذه المضغة - وهي قطعة من اللحم - صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. ما هي؟ قال: «أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ».

ما المناسبة في مجيء ذكر القلب في آخر هذا الحديث؟

الجواب -والله أعلم-: لأن الحرام يُؤَثِّر على القلب. إذا أَكَل الحرام وتغذى به، أو واقع الشبهات؛ فإن هذا يؤثر على قلبه؛ فيُفسِد قلبه وبالتالي يُفسِد بدنه كله.

ما معنى الفساد هنا؟ هل معناه أن القلب يَفسُد؛ يعني: ما يَصلح للبقاء، يعتل، يحتاج إلى عملية، أو يموت صاحبه؟

لا، ليس هذا هو القصد، هذا يسمى المرض العضوي. لكن المرض المعنوي أشد، وهو أن القلب يتأثر ويقسو ويَعْمَى، ويُختَم عليه بسبب الذنوب: ﴿كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ [المطففين: 14].

فالمسلم يحمي قلبه من تعاطي المحرمات؛ لأنها تُفسِد قلبه، وإذا فسد قلبه فسد بدنه، فصار يمشي للحرام، ويأخذ الحرام، وينظر إلى الحرام، ويتكلم بالحرام!! الأعضاء تابعة للقلب، إذا فسد القلب، فسدت الأعضاء وانطلقت في الحرام.


الشرح