«كَالرَّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ
حِمًى»، لو ابتعد عن الحِمى لسَلِم. هذا مثال محسوس،
ضَرَبه النبي صلى الله عليه وسلم.
«أَلاَ وَإِنَّ
حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ»، فالإنسان لا يقع حول حِمَى الله خَشية أن يقع فيه؛
ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ
فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ [البقرة: 187]، حدود الله: يعني
محارمه، محارم الله، ﴿فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ [البقرة: 187]، لم يقل: «فلا تأتوها»
بل قال: ﴿فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ وهذا أبلغ في النهي؛ لأن القرب منها وسيلة إلى الدخول
فيها، والشرع جاء بسد الوسائل التي تفضي إلى ما لا يجوز.
حِمَى الله الذي
حماه وحَرَّمه: محارمه التي حَرَّمها على الناس لمصالحهم، هو لم يُحَرِّم شيئًا من أجل
تعذيبهم أو التضييق عليهم؛ وإنما حَرَّم أشياء تضرهم، فمَنَعهم منها رحمةً بهم؛
لأنهم لو أتوها لضرتهم، فمن رحمة الله بهم أنه حَرَّمها عليهم.
فالمسلم يبتعد عن
محارم الله باتخاذ الوسائل الواقية.
ولهذا مثلاً: المرأة حُرِّم
سفرها وحدها؛ لأن هذه وسيلة إلى ما لا تُحمد عقباه. أُمِرت بالحجاب دفعًا للفتنة.
نُهِيت عن الخَلوة مع الرجل الذي لا تَحل له؛ لأن هذا وسيلة إلى الفتنة. الاختلاط
مُنِعت منه؛ لأن هذا وسيلة. فهذا من باب الحماية للمحارم، كل هذه الأمور من باب
الحماية للمحارم. فالحماية مطلوبة، والابتعاد عنها مطلوب.