×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

«كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى»، هذا مَثَل ضَرَبه النبي صلى الله عليه وسلم، مَثَل محسوس. الحِمَى: الممنوع. المراد بالحمى: المرعى، الذي مَنَع ولي الأمر الرعي فيه؛ لأجل أن يكون مرعى لإبل الصدقة وإبل بيت المال، كما حمى عمر، وحمى بإبل الصدقة، والرسول صلى الله عليه وسلم حمى لأجل إبل الصدقة وبيت المال.

أما الإنسان الفرد العادي فلا يجوز له أن يَحمي، الحِمى لله ولرسوله، ما يجوز للإنسان أنه يمنع الناس من المراعي ومن الموارد ويسيطر عليها.

هذا خاص بولي الأمر لمصلحة المسلمين، كانوا يتخذون الحِمى لأجل دواب بيت المال؛ لأن دواب بيت المال لمصلحة المسلمين كلهم، فإذا جاء إنسان ورعى عند الحِمى، فالبهائم تتفلت، والحمى فيه عشب، تتفلت غصبًا عنه، تروح ترعى من العشب، ما يستطيع يمسكها، لو أمسك واحدة، ما يمسك الثانية والعاشرة، فكان الواجب أنه يبعدها عن الحِمى! لكن لما قَرُب من الحِمى، وفيه رَعْي وفيه عشب كثير، وهي جوعى، ما يمسكها.

«كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ»، يوشك: يعني يَقرب «أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ»، سواء باختياره وتساهله أو بغير اختياره، هو الذي سَبَّب هذا.

فهذا فيه: دليل على أن الإنسان يبتعد عن المشتبه كما يبتعد الراعي عن الحِمى، ما يتركه فقط بل يبتعد عنه؛ لئلا يقع فيه في يوم من الأيام.


الشرح