×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

هذا جهاد النفس، وهو أول أنواع الجهاد. الذي لا يجاهد نفسه لا يجاهد غيرها أبدًا، أول ما يَبدأ الإنسان يَبدأ بجهاد نفسه، يكفها عما حَرَّم الله، ويَحملها على طاعة الله، ويَأطِرها على المشقة والتعب في طاعة الله، أو على المشقة في ترك المألوف إذا كان محرمًا، تحتاج إلى مجاهدة وصبر مع نفسه، ومَن لا يجاهد نفسه لا يجاهد غيرها أبدًا. هذا هو النوع الأول.

النوع الثاني: جهاد الشيطان - إبليس لعنه الله - وجنوده من شياطين الإنس والجن.

هؤلاء يحتاجون إلى جهاد؛ لِما يُلقُونه من الوساوس والشبهات، والدعوة إلى الضلال، والدعوة إلى الإباحية، والدعوة إلى فعل المنكرات وإشاعتها، والتحذير من الخير.

هؤلاء يحتاجون إلى جهاد، وذلك بأن الإنسان يعصيهم فيما يأمرون ويخالفهم فيما يَنْهَون عنه، يفعل ما نَهَوْه عنه ويترك ما أمروه به؛ لأنهم لا يأمرون إلاَّ بالشر فيتركه، ولا يَنْهَون إلاَّ عن الخير فيَفعل الخير ولا يصغي لأقوالهم ودعواتهم.

ورأس الشياطين هو إبليس - لعنه الله -، الذي قال لربه: ﴿لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ [الإسراء: 62]، أي: آدم عليه السلام ﴿إِلَّا قَلِيلٗا [الإسراء: 62]، فهو عدو للإنسان، عدو لأبيهم، وانْجَرَّت عداوته إلى ذرية آدم عليه السلام من باب الحسد لهم والكِبْر والطغيان، ويتبعه شياطين الإنس والجن، يأمرون بأمره، وينهون بنهيه. فهو يحتاج إلى جهاد.


الشرح