لكن إذا ابتُلي، ولي
الأمر ألزمه بالوِلاية، فإنه يصبر ويُعِينه الله عز وجل. أما إذا طلبها، فإنه
يُوكل إلى نفسه، إذا طَلَب الإمارة وحصلت له، فإنه يُوكل إلى نفسه ولا يكون من
الله إعانة له.
فهذا فيه: أن الإنسان لا يطلب
الوظائف التي فيها مسئوليات؛ إدارة، أو قضاء، أو إمارة... أو غير ذلك من
المسئوليات.
الإنسان في عافية،
لكن إذا وُكِل إليه الشيء من قِبل ولي الأمر، فإنه يصبر ويحتسب الأجر في ذلك،
ويعينه الله عز وجل على القيام بذلك ويسدده، سواءٌ كان في القضاء، أو في
الإمارة، أو في الإدارة... أو غير ذلك.
ففيه: إيثار العافية، وأن
مَن حَرَص وطَلَب فإنه ينقطع العون من الله له في عمله عقوبةً له؛ لأن هذا فيه
تزكية للنفس، وفيه - أيضًا - دخول في أمر كان هو في عافية منه، فالله جل وعلا
يعاقبه ولا يعينه. أما إذا ابُتلي بها وأُلزم بها، فإنه يصبر. هذه مسألة.
أما إذا كان الأمر
سيضيع، القضاء سيضيع، وهذا الإنسان عنده استعداد للقيام به والعدل فيه، فيجب عليه
أن يتقدم. أو أن ولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الحِسْبة، ستضيع، فيجب
عليه أن يتقدم. أو أن إمامة المسجد ستضيع، فتداركًا للضياع هو يتقدم ويطلب هذا؛
ولهذا قال يوسف عليه السلام: ﴿ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ
ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ﴾ [يوسف: 55].
فإذا كان الأمر سيضيع، وعنده كفاءة ومقدرة، فإنه يتقدم ويطلب الوِلاية ليقوم بها وينقذها من الضياع، وهو محسن في ذلك.