المجلس الخامس عشر
في وجوب إخلاص العمل لله عز وجل
****
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإنه يشترط لقبول العمل شرطان:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل، بأن يكون العمل مقصودًا به وجه
الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان العمل غير خالص فإنه لا يقبل، كما إذا كان فيه
شرك مع الله سبحانه وتعالى، فإن الله لا يقبل إلا ما كان خالصًا لوجهه، أما ما
دخله الشرك فإنه مردود، ولا يقبله الله سبحانه وتعالى، قال تعالى:﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ
لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ
أَحَدَۢا﴾[الكهف: 110].
وفي الحديث القدسي: «أنَّ اللهَ جل وعلا يَقُولُ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1]). وفي رواية: «فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ» ([2])، سواء كان شركًا أكبر أو شركًا أصغر، كالرياء والسمعة، فالذي يعمل العمل من أجل الرياء، أي: من أجل أن يراه الناس، فيمدحوه ويثنوا عليه، فهذا هو الرياء، ولا يصل إلى الله سبحانه وتعالى، بل هو عمل لا يتعدى صاحبه، فإذا كان يعمل العمل من أجل أن يسمعه الناس، فهذا هو السمعة، فالسمعة لما يسمع من الأصوات والأذكار وغير ذلك، والله جل وعلا يعلم ما في القلوب، فإذا علم أن هذا العمل مقصود به غير الله سبحانه وتعالى، فإن الله لا يقبله.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2985).
الصفحة 1 / 128