مزية على تلاوته في غيره من الشهور، وإن كان مطلوبًا من المسلم أن يُكثر من
تلاوة القرآن في كل الشهور والأيام، ولكن تلاوته في هذا الشهر لها فضيلة ومزية؛
لأنه شهر إنزال القرآن، وهو الوقت الذي كان جبريل يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم
فيه القرآن، ويعرض النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل القرآن من أوله إلى آخره،
فتلاوة القرآن في هذا الشهر لها فضائل عظيمة، وعلى مدار العام تلاوة القرآن: كل
حرف بحسنةٍ، والحسنة بعشر أمثالها، وتتضاعف هذه الحسنات في شهر رمضان.
ومن فضائل هذا الشهر: أن فيه ليلة واحدة خير من ألف شهر، وألف الشهر إذا حسبت بالسنين تزيد على ثمانين عامًا، فهذه الليلة تعادل ثمانين عامًا وزيادة أشهر، كلها في طاعة الله، وهذا فضل عظيم، فالذي يعمر ثمانين سنة في طاعة الله، هو والذي يمنُّ الله عليه بمصادفة هذه الليلة فيقومها إيمانًا واحتسابًا، يكتب الله له بقيام هذه الليلة عمل ألف شهر، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وهذه الليلة في شهر رمضان، كما قال الله سبحانه وتعالى:﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾[القدر: 1]، وقال:﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾[البقرة: 185]، فالقرآن أنزل في ليلة القدر، وفي شهر رمضان، ومعنى إنزال القرآن فيها: أن الله ابتدأ نزول القرآن في هذه الليلة في شهر رمضان، ثم تتابع نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن بعثه الله في مكة إلى أن توفاه الله بالمدينة، مدة ثلاث وعشرين سنة، والقرآن يتنزل عليه شيئًا فشيئًا، تنزل عليه السور، وتنزل عليه الآيات، حتى تكامل القرآن عند وفاته صلى الله عليه وسلم؛ فمعنى:﴿ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾و﴿ إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾[القدر: 1] يعني: ابتدأ نزوله ثم تتابع بعد ذلك؛ ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر حياته عليه الصلاة والسلام.