×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

ثم ليعلم المسلم أن الله جل وعلا طيب لا يقبل إلا طيبًا، فلا يتصدق الإنسان من مال حرام أو من كسب خبيث؛ فإن ذلك لا يقبله الله سبحانه وتعالى، وكذلك لا يتصدق الإنسان من مال رديء قليل نفعه، قال الله سبحانه وتعالى:﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِ‍َٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ[البقرة: 267] والخبيث المراد به هنا: الرديء، وليس المراد به المحرم، فإذا كان الإنسان لا يريد هذا الطعام لرداءته راح يتصدق به، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه ذلك:﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ ، فلا يتصدق من الثياب إلا بما يرى أنه متقطع ومتمزق، ولا يصلح للبس، أو يصلح مدة قليلة، كذلك الطعام لا يتصدق إلا بالطعام الذي ترغبه النفوس، هذا لا يكون صدقة، وإنما يكون تخلصًا! هذا لا ينفع عند الله سبحانه وتعالى؛ قال الله سبحانه:﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ[آل عمران: 92]، وقال تعالى:﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا[الإنسَان: 8] يطعمون من الطعام الذي يريدونه لأنفسهم يحبونه، لكن يقدمون محبة الله على محبة أنفسهم:﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ . وهذا هو الذي ينبغي للإنسان أن ينفق منه، وهو الشيء النافع، ولا سيما إذا كانت نفسه تحبه، تصدَّق به ونفسه تحبه، فهذا دليل على إيمانه، وعلى تقديم رضا الله سبحانه وتعالى، كما قال الله جل وعلا عن الأنصار:﴿وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ[الحشر: 9]. نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

***


الشرح