×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

 يعني: لعلك مهلك نفسك في سبيل دعوتهم ألا يكونوا مؤمنين، ثم بيَّن الله له أن عليه البلاغ فقط - عليه أن يبلغ دعوة الله عز وجل - وأما هداية القلوب فهي بيد الله عز وجل، فما على الرسول إلا البلاغ.

وقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، وما قصر في شيء، وبيَّنَ للناس كل شيء أنزله الله إليه، حتى قال في حجة الوداع: «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ([1])، هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته الناس إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يؤيد لهم الخير، ويريد لهم النجاة، ويريد لهم السلامة والسعادة في الدنيا والآخرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق، وقد بلغ في النصح عليه الصلاة والسلام منتهاه، فكان ناصحًا أمينًا مبلغًا عن الله سبحانه وتعالى، إلى أن أكمل الله به الدين وأتمَّ به النعمة وأقام به الحجة وأبان به المحجة، وما توفي صلى الله عليه وسلم إلا وقد قام بجميع وظائف الرسالة وكملها، وقال: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا إلاَّ هَالِكٌ» ([2])، وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابُ اللهِ وَسُنَّتِي» ([3]).

هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وهذه بعض صفاته عليه الصلاة والسلام، فعلى المسلم أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في خصال الخير بحسب ما يستطيع وما يقدر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

***


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1218).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).

([3])  أخرجه: الحاكم رقم (319)، والبيهقي رقم (4606).