التي تعود بالنفع على المسلمين، هكذا كان إنفاقه صلى الله عليه وسلم، وكان
في رمضان أجود ما يكون؛ فكان صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان أجود بالخير من
الريح المرسلة.
فالمسلم لا يمكن أن يلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لأي مخلوق
أن يساوي النبي صلى الله عليه وسلم أو يلحق به؛ ولكن الاقتداء مطلوب:﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي
رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ﴾[الأحزاب: 21]،
فالمسلم يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الخصال حسب استطاعته، وإلا فإنه
لن يلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن يقتدي به بحسب استطاعته، يصلي من الليل
ويصوم من الأيام، ويتصدق من المال، حسب استطاعته وموجوده، يشارك في كل خصلة من
خصال الخير، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: يجاهد في سبيل الله، يدعو إلى
الله، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وهكذا، فالمسلم لا يقعد عن الخير، ويقول:
أنا لست مثل الرسول! أنت مأمور بالاقتداء بالرسول، ولكن تفعل حسب ما تستطيع، وإلا
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يلحق به أحد في خصال الخير وأعمال البر.
وكان صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبذل نفسه عليه الصلاة والسلام، حتى إنه يعرض نفسه للأخطار، بدعوة الكفار المنافقين واليهود والنصارى، وكان يدعو إلى الله في كل مجال وفي كل مناسبة، وكان يخرج من مكة كما خرج إلى الطائف، وكان يخرج إلى الموسم في أيام الحج، ويعرض نفسه على القبائل في منى، يدعوهم إلى الله عز وجل، مع ما هم فيه من العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والحقد، وأنهم يودون قتله، ولكن الله يحميه منهم، فكان يعرِّض نفسه للخطر في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، وكان يحب أن يهدي الناس إلى الحق، وكان يسوؤه إذا لم يستجيبوا، يسوؤه جدًّا ويضيق صدره صلى الله عليه وسلم، إذا رأى الناس لا يستجيبون للإيمان؛ وذلك إشفاقًا عليهم من عذاب الله، حتى قال الله له:﴿لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾[الشعراء: 3]