وهو خاتمة الكتب السماوية، وهو أعظمها وأجلها، يحكم عليها ويهيمن عليها،
ويصدق ما فيها من حق، ويرد ما فيها من تحريف وتبديل:﴿إِنَّ هَٰذَا
ٱلۡقُرۡءَانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَكۡثَرَ ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ
٧٦وَإِنَّهُۥ لَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ٧٧﴾[النمل: 76، 77]،﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ
بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا
عَلَيۡهِۖ﴾[المائدة: 48].
فإنَّ الله سبحانه وتعالى ضمن هذا القرآن ما لم يتضمن غيره من الكتب؛ ففيه
توحيد الله عز وجل، وفيه أخبار الماضي، وأخبار المستقبل في آخر الدنيا، وأخبار يوم
القيامة: «فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ،
وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُم» ([1])، وفيه بيان الأحكام
الشرعية، والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وبيان الحق من الباطل، فهو الفرقان؛
لأنه فرَّق بين الحق والباطل، وفيه القصص - قصص الأولين - وأخبار الأمم السابقة،
وأخبار الرسل، وأخبار من آمن بهم، وأخبار من كذبهم، وما حلَّ بالمكذبين، وما أكرم
الله به الطائعين من النصر والتأييد والظهور على مَن خالفهم، وفيه الأمثال والعبر،
وفيه المواعظ، وفيه أوصاف الجنة، وأوصاف النار، وفيه صفات المؤمنين، وصفات
المنافقين، وصفات الكفار.
كل ذلك موجود في القرآن، وأكثر منه، وفيه الوعد والوعيد، وفيه من العلوم ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فإنه اشتمل من العلوم ما لا يعلمه إلا الله؛ فيه التوحيد والعقيدة، وبيان أسماء الله وصفاته، والأمر بعبادته، وترك عبادة ما سواه، وفيه التحذير من الشرك، وبيان أنواع الشرك، وبيان كل ما يتعلق بالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، والإيمان بالقدر خيره وشره، وفيه أركان الإيمان،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2906)، والدارمي رقم (3374).