وأركان الإسلام، وفيه من
العلوم والأخبار والقصص والأمثال والعبر والمواعظ ما لا يحيط به إلا الله سبحانه
وتعالى، ولكن كل عالم يأخذ منه بقدر علمه، وما يجهله أكثر وأكثر، فإنه بحر لا تغيض
معلوماته ولا يحاط بأسراره؛ لأنه كلام الله عز وجل، وفضله على سائر الكلام كفضل
الله على خلقه.
وقد جاء الترغيب بتلاوته، والإكثار من ذلك، وبتدبره والعمل به:﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ
إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾[ص: 29]، فليس الغرض
من قراءته مجرد المرور على الآيات وختم القرآن عشر مرات أو عشرين مرة، ليس هذا هو
المقصود؛ المقصود هو الانتفاع بالقرآن، والعمل بالقرآن، ولكن التلاوة وسيلة إلى
العمل، والتلاوة عمل صالح، لكن لا يقتصر على التلاوة، بل لا بد من العمل، ولا بد
من التدبر، ولا بد من التفكر في معانيه، حتى ينتفع العبد بكلام الله عز وجل، وقد
جاء في الحديث: أن «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا
مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ:
«الم» حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» ([1])، وبكل حرف حسنة،
وبكل حسنة عشر حسنات.
وهذه مضاعفة من الله سبحانه وتعالى، فتلاوة القرآن مطلوبة من المسلمين، والعمل به وتفهم معانيه، كل ذلك مطلوب من المسلم، وإلا فإن الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به يكون حجة عليه يوم القيامة، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ حُجَّةٌ عَلَيْك» ([2]) حجة لك إذا عملت به،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2910